ذلك أن ابن نجيح روى عن مجاهد (حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) قال : عيونا ، وكذا قال الحسن ، وروى سعيد عن قتادة (حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) قال : عيونا ببلدنا هذا. فهذا التفسير يدلّ على تفجّر ؛ لأن تفجّر على التكثير.
(أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) (٩٢)
وقرأ أهل المدينة وعاصم (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) (١).
وقرأ أهل الكوفة وأبو عمرو (كسفا) (٢) بإسكان السين. قال أبو جعفر : كسف جمع كسفة أي قطعا. وذكر السماء ليدلّ على الجمع. وحجة من قرأ كسفا أنه لمرة واحدة. (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) على الحال.
(أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً) (٩٣)
(أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) من رقي يرقى رقيّا إذا صعد ، ويقال : رقيت الصّبيّ أرقيه رقيا ورقية.
(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلاَّ أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) (٩٤)
(أن) في موضع نصب والمعنى من أن يؤمنوا (إِلَّا أَنْ قالُوا) في موضع رفع أي إلّا قولهم (أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) فانقطعت حججهم لمّا ظهرت البراهين وجاءوا بالجهل.
(قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) (٩٥)
(قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ) على الحال ، ويجوز في غير القرآن مطمئنّون نعت للملائكة. ومعنى هذا ـ والله أعلم ـ لو كان في الأرض ملائكة يمشون لا يعبدون الله ولا يخافونه. وهذا معنى المطمئنين ؛ لأن المتعبّد الخائف لا يكون مطمئنا. (لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) حتى يعظهم ، ويدعوهم إلى ما يجب عليهم.
(قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) (٩٦)
(قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً) على الحال ، ويجوز أن يكون منصوبا على البيان.
__________________
(١) و (٢) انظر تيسير الداني ١١٥ ، والبحر المحيط ٦ / ٧٨.