(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) (٩٧)
(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) حذفت الياء من الخط لأنها كانت محذوفة قبل دخول الألف واللام ، والألف واللام لا يغيّران شيئا عن حاله إلا أنّ الاختيار إثبات الياء لأن التنوين قد زال. قال أبو جعفر : وسمعت علي بن سليمان يقول : سمعت محمد بن يزيد يقول : لا يجوز مثل هذا إلا بإثبات الياء ، والصواب عنده أن لا يقف عليه ، وأن يصله بالياء حتّى يكون متابعا للقراء وأهل العربية. (عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) على الحال.
(قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) (١٠٠)
(قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ) رفع على إضمار فعل ، ولا يجوز أن يلي «لو» إلا فعل إمّا يكون مضمرا وإما لأنها تشبه حروف المجازاة. وخبّر الله جل وعز بما يعلم منهم مما غيّب عنهم فقال : لو أنتم تملكون (خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي) أي نعمته. والرحمة من الله جلّ وعزّ هي النعمة. (لَأَمْسَكْتُمْ) أي عن النفقة (خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) وقيل : الإنفاق الفقر ، المعنى خشية أن تنفقوا فينقص ما في أيديكم. (وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) حكى الكسائي : قتر يقتر وأقتر يقتر ، وحكى أبو عبيد : قتر وقتور على التكثير ، كما يقال : ظلوم للكثير الظلم.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً) (١٠١)
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ) مفعولان (بَيِّناتٍ) في موضع خفض على النعت لآيات ، وقد يكون في موضع نصب على النعت لتسع. وقرأ الكسائي وابن كثير فسل بنى إسرائيل بغير همز يكون على التخفيف ، وعلى لغة من قال : سال يسال. والتقدير : قل للشاكّ سل بني إسرائيل. قال أبو جعفر : وقد ذكرنا ما قيل في التسع الآيات عن النبي صلىاللهعليهوسلم وعن ابن عباس ، وما قاله ابن عباس فيجب أن يكون توقيفا لأنه ليس مما يقال بالرأي ، والقولان ليسا بمتناقضين فإنّما الحديث عن النبيصلىاللهعليهوسلم فيحمل على أنه لآيات جاء بها موسى صلىاللهعليهوسلم تتلى إلّا أنها تفسير لهذه الآيات. والدليل على هذا قوله جلّ وعزّ : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) [النمل : ١٢] في تسع آيات إلى فرعون وقومه (مَسْحُوراً) أي مخدوعا (مَثْبُوراً) من الثبور أي الهلاك.
(قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) (١٠٢)
(قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لأن فرعون مع توجيهه إلى