الأولى ، يرى أنها تشير إلى ما وقع فى غزوة الخندق ، المسماة غزوة الأحزاب كذلك ـ فقد جاءت قريش بجموعها ، وبجموع أحلافها ، تريد أن تقتلع الدعوة الإسلامية من أصولها ، فعسكرت حول المدينة ، ووقفت أمام الخندق الذي أقامه الرسول والمسلمون حولها .. وكان من تدبير الله سبحانه أن أوقع الخلاف بين هؤلاء الأحلاف ، بعد أن طال بهم المقام فى مواجهة المدينة دون أن يصلوا إليها .. ثم أرسل الله عليهم ريحا عاصفة فى ليلة مظلمة باردة .. فأطفأت نارهم ، وقلبت قدورهم ، وهدمت خيامهم .. حتى إذا انكشف وجه الصباح كانوا هشيما مبعثرا على كل طريق .. إلا الطريق إلا المدينة ، وهكذا كان فضل الله ، وكانت رحمته التي ينبغى أن تكون مما يذكره المسلمون من نعم الله ورحماته! وفى هذا يقول الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً* إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (٩ ـ ١٠ : الأحزاب) .. ويقول سبحانه: (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً) (٢٥ : الأحزاب)
فهل نعمة أعظم من هذه النعمة؟ وفضل أكبر من هذا الفضل؟.
ومن عجب ألا أجد أحدا من المفسرين يقول بهذا الرأى .. فيما بين يدىّ من كتب التفسير!
وفى قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ) وفى عطفه على قوله سبحانه (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) ما يشير إلى أن المراد بذكر نعم الله ، ومراجعة أفضاله