بالآية عند صريح لفظها خير من التأويل والتخريج ، إذ لا يعدل عن صريح اللفظ ، إلا إذا كان ما يخفيه وراءه أولى مما يبديه ظاهره.
والعكس هنا صحيح ، إذ ظاهر الآية وصريح لفظها أولى من حمله على غير هذا المحمل ، كما سترى.
وثانيا : هذا السائل الذي يسأل مؤمنا قائما بين يدى الله يؤدى الصلاة .. ألا ينتظر حتى يفرغ المصلّى من صلاته؟ أهو غريق مشرف على الهلاك ، حتى يستنجد بمن هو قائم بين يدى الله ، عابدا خاشعا؟
ثالثا : الإمام «على» كرم الله وجهه ، وهو فى استغراقه فى صلاته بين يدى ربه .. أيقطع هذا الموقف ، وجلاله ، وروعته ، ليتصدق على فقير؟ وماذا لو انتظر حتى يفرغ من الصلاة؟ أيموت هذا الفقير جوعا؟ إن ذلك كان يمكن أن يقع لو أن نارا علقت بهذا الإنسان الفقير ، وكادت تلتهمه ، ولا منقذ له إلا على بن أبى طالب!
وعلى هذا فالآية الكريمة خطاب عام للمؤمنين جميعا .. وإنما صرفها إلى هذا الوجه من التأويل ، ما جاء فيها من «الولاية» التي يستخرج منها بعض الشيعة دليلا على أحقّية علىّ بالخلافة ، وأن هذه الآية تؤيد حديثا يروى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه أخذ بيد علىّ كرم الله وجهه ، ثم قال : «من كنت مولاه فعلىّ مولاه .. اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.»!
والموالاة هنا معناها الحبّ ، والمودة ، لا الخلافة ، فمن أحبّ النبىّ صلىاللهعليهوسلم وجب عليه ـ دينا ـ أن يحبّ آل بيته ، ومنهم علىّ كرم الله وجهه ، بل ووجب عليه دينا أن يحبّ كل مؤمن .. (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا).