وفى هذا أيضا إشارة إلى ما يكشف عنه المستقبل من موقف قريش ، والعرب ، من الدعوى الإسلامية ، وأنهم جميعا سيدخلون فى دين الله ، وسيبقى ذكر العرب خالدا ما ذكر الإسلام الخالد.
فالعرب ـ كما فى المأثور ـ هم : «مادّة الإسلام» .. وبجهادهم فى سبيل الله امتدّ ظلّ الإسلام ، واتسعت رقعته ، ورفرفت أعلامه فى كل أفق من آفاق الدنيا ..
وفى قوله تعالى : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) نخسة رقيقة ، تدعو هؤلاء القوم ، وتدفع بهم دفعا إلى أخذ حظهم من الكتاب المنزل إليهم .. إنها غمزة حبّ ، وإغراء ، ودفعة من يد كريمة رحيمة ودود!!
قوله تعالى :
(وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ).
هو تعريض بأهل القرية «مكة» ، وتهديد لهم بأن يسلكوا فى عداد القرى الظالمة التي قصمها الله ، أي أهلكها ، وقطع دابرها .. ثم أقام مكانهم (قَوْماً آخَرِينَ). والقصم : القطع الحاسم ، وهو أشد من القضم.
قوله تعالى :
(فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ).
البأس : العذاب ، والبلاء.
أي فلما أراد الله أن يأخذ الظالمين بظلمهم ، ساق إليهم بأسه وعذابه .. فلما استشعروا وقوع العذاب بهم ، بما طلع عليهم من مقدماته ونذره ، ذعروا ، وأخذوا يركضون ، أي يجرون مسرعين فى فزع واضطراب ، فرارا من تلك