بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (١٨)
____________________________________
التفسير :
قوله تعالى :
(لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ).
فى هذه الآية تنويه بالأمة العربية ، ورفع لقدرها ، باختيارها من بين الأمم لتكون الوجه الذي تلتقى به رسالة الإسلام ، والراية التي يجتمع عليها الداخلون فى دين الله ، وليكون لسانها هو اللسان الذي يحمل كلمات الله ، ويكتب له الخلود بخلودها.
وفى قوله تعالى : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً) إشارة إلى أن هذا الكتاب الذي أنزله الله على رسوله الكريم هو منزل كذلك على قومه العرب .. فالرسول منهم ، والكتاب المنزل عليه هو كتابهم ، ومنزل إليهم .. وإذ كان هذا هو الحال ، فإن من الخسران لهم أن يتخلّوا عن هذا الخير الذي ساقه الله إليهم ، واختصّهم به ، وإنهم إذا لم يبادروا ويأخذوا حظهم من هذا الخير ، أو شك أن يفلت من أيديهم ، ويعدل عنهم إلى غيرهم ، كما يقول سبحانه : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ .. ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) (٣٨ : محمد) وفى تنكير الكتاب ، تعظيم له ، ورفع لقدره ، وأنه أعرف من أن يعرّف بأداة تعريف .. فهو بهذا التنكير علم لا يشاركه غيره فى هذا الاسم.
وفى قوله تعالى : (فِيهِ ذِكْرُكُمْ) تحريض العرب على أن ينشدوا الهدى من هذا الكتاب ، ويستظلوا بظله ، ففى هذا عزّهم ، ومجدهم ، وخلود ذكرهم فى العالمين ..