تلك هى «قضية البعث» .. وهذه هى حيثياتها ، يجدها الإنسان فى نفسه هو ، من مولده إلى مماته .. فإن أعياه النظر إلى نفسه ، وجدها فى الأرض التي يمشى عليها .. فإن عمى عن هذا وذاك ، فهيهات أن يرى وجه الحقّ أبدا. فإن ذلك العمى من عمى القلب ، الذي ليس لمصاب به شفاء ، والله سبحانه وتعالى يقول : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٤٦ : الحج) ..
* * *
وهنا نحبّ أن نقف وقفة مع عملية «الخلق» وبعث الحياة فى المخلوقات.
فهذه العملية ، عملية «الخلق» ، هى مما استأثر الله سبحانه وتعالى به ، ليس لأحد من مخلوقاته أن يكون له معه شركة فيه .. وفى هذا يقول الله تعالى : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (٥٤ : الأعراف) .. هكذا على سبيل القصر .. فلله وجه ـ بلا مشاركة ـ (الْخَلْقُ) وهو الإيجاد ، والتصوير ، وبعث الحياة فى الموجودات والمصوّرات .. (وَالْأَمْرُ) وهو التقدير ، لخلق ما يخلق وتصوير ما يصور .. (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ).
هذا ، وتتطلع الإنسانية دائما إلى كشف هذا السرّ ـ سرّ الحياة ـ ويحاول العلماء والباحثون أن يصلوا إلى تلك الحقيقة ، وأن يضبطوا قوانينها ، وأن يضعوا أيديهم عليها ، حتى يكون لهم أن يخلقوا ما يشاءون من مخلوقات ، وأن يتحكموا فيما يخلقون .. من إناث أو ذكور ، على اختلاف الألوان والصور!.
وقد أجرى كثير من العلماء تجارب عديدة فى هذا المجال ، وزرعوا واستنبتوا فى مخابرهم خمائر للحياة .. ولكن ذلك كلّه لم يصل بهم إلى شىء