تلك الخشيه؟ كما يقول سبحانه : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) (١٣ : الرعد)
والجواب على هذا ، هو أن الملائكة لقربهم من الله سبحانه وتعالى ، ولكمال معرفتهم بماله سبحانه وتعالى من جلال وكمال ـ هم أكثر عباد الله ولاء لله ، وانقيادا له ، وفناء فيه .. فمن كان بالله أعرف كان منه أخوف ، ومن كان إلى الله أقرب كان لجلاله وسلطانه أرهب.! يقول الله سبحانه وتعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) .. فالعلماء بالله ، العارفون به ، هم أكثر الناس خشية له ، وولاء لذاته .. والملائكة يعلمون أكثر مما يعلم العالمون من جلال الله وسلطانه ، وعظمته ..
وقوله تعالى :
(أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ)
هو تسفيه لعقول هؤلاء المشركين ، الذين يعبدون مما على الأرض ، من ناطق أو صامت ، مثل أولئك الذين اتخذوا من البشر آلهة ، أو من الأحجار أصناما ينحتونها ويعبدونها .. فهؤلاء أحمق عقولا ، وأغلظ جهلا من أولئك الذين عبدوا الملائكة ، وإن كان هؤلاء وأولئك جميعا فى ضلال مبين .. فلا الملائكة المقربون ، ولا الجن ، ولا البشر ، ولا الأحجار ، ولا أي شىء مما خلق الله ، مما يصح فى عقل عاقل أن يجعل له إلى الله نسبا ، فضلا عن أن يجعله إلها مع الله ، يشاركه التصريف والتدبير.
وفى قوله تعالى : (مِنَ الْأَرْضِ) إشارة إلى مدى الانحطاط العقلي ، الذي وصل إليه أولئك الذين يعبدون ما على هذه الأرض من مخلوقات .. فهى من معدن هذا التراب الذي تدوسه الأقدام ، فكيف يكون هذا التراب المشكّل فى أي صورة من الصور ، إلها يعبد من دون الله ، ويرجى منه ما يرجو المؤمنون بالله ، من الله رب العالمين؟.