وقوله تعالى : (هُمْ يُنْشِرُونَ) .. يمكن أن يكون استفهاما .. تقديره أهم ينشرون؟ أي أهؤلاء الآلهة الذين اتخذوهم من الأرض ينشرون الأموات ويبعثونهم من قبورهم ، كما يفعل الله؟ والاستفهام هنا إنكارى ..
ويمكن أن يكون جملة خبرية ، هى صفة للآلهة ، وتكون الآية كلها مبنية على الاستفهام الإنكارى ، ويدخل فيها إنكار الجملة الخبرية ، كذلك ..
قوله تعالى :
(لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ). هذه قضية ، هى تعقيب على ما وجه به المشركون الذين يتخذون من عباد الله ، فى السماء أو فى الأرض : آلهة ، فإن ذلك سفه وجهل ، وسوء تقدير لما ينبغى أن يكون للإله المعبود ، من صفات الكمال والجلال المطلقين ..
وإذا كان الإله الذي يستحق العبادة موصوفا بصفات الكمال المطلق ، فإن هذه الصفات ـ فى إطلاقها ـ لا تكون إلا لإله واحد ، لا يشاركه أحد فيها ، إذ لو شاركه غيره فيها ، أو كان له مثلها ، لما كان له الكمال المطلق ، ولما كان له التفرد بالألوهية .. إذ الكمال المطلق صفة واحدة ، ولا يتصف بها إلا موصوف واحد ، هو الله سبحانه ..
ومن جهة أخرى .. فإن هذا الوجود ، فى علوه وسفله ، وفى سمائه وأرضه ـ لو قام عليه أكثر من ذى سلطان واحد مطلق ، لما استقام أمره ، ولما استقرّ نظامه ، ولكان لكل ذى سلطان أن يتصرف فيما له سلطان عليه ، ولذهب كل منهم مذهبا ، فمضى ذا مشرّقا ، ومضى ذاك مغرّبا .. وأخذ هذا يمينا ، وأخذ ذاك يسارا .. فيتصادم هذا الوجود ، وتتضارب الوجودات ، وينفرط عقدها ، وتتناثر أشلاؤها ..