فالإنسان مثلا ، وهو العالم الأصغر ، الذي يناظر العالم الأكبر .. يقوم على ملكة التفكير فيه ، عقل واحد .. ويقوم على تغذيته بالدم ـ الذي هو ملاك حياته ـ قلب واحد ..
وتصوّر أن يكون لإنسان عقلان .. ماذا يكون حاله؟ وكيف يكون مقامه فى عالم البشر؟ إن لكل عقل مدركات ، وتصورات وتقديرات .. فبأى عقل يسير؟ وبأى عقل يحكم على الأشياء ويتعامل معها؟ إنه بهذين العقلين إنسانان لا إنسان واحد ..
إنه ذو شخصية مزدوجة ، تتصارع فيها العواطف والنوازع ، وتقتتل فيها الآمال والرغبات ، ثم لا يسكن هذا الصراع ، ولا ينتهى هذا القتال ، حتى يتحطم هذا الكائن العجيب ، الإنسان .. له رأسان ، أو عقلان ..!
وقل مثل هذا فى القلبين ، اللذين يفسد أحدهما عمل الآخر ، وينقض أحدهما ما بناه صاحبه ..
والله سبحانه وتعالى يقول : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) (٤ : الأحزاب).
وقل مثل هذا فى الجماعات البشرية .. إن كل جماعة يجب أن يكون على رأسها رأس واحد .. وإلّا فالتنازع والتصادم ، والفساد ..!
وقوله تعالى : (فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) ..
هو تنزيه لله سبحانه عما يصفه به الواصفون ، من صفات لا تخصّه بالكمال المطلق ، بل تجعل له شريكا فيها ، ويكون له بمقتضى ذلك سلطان مع سلطان الله ، وعرش كعرش الله .. فالله سبحانه منزه عن أن يكون على تلك الصفة .. إنه سبحانه الإله المتفرد بالخلق والأمر ..