والرّجال : المشاة ، الذين ينتقلون على أرجلهم .. جمع راجل أو رجل ، يطلق على الذكر والأنثى.
والضامر : النحيف ، الذي خفّ لحمه من الجهد والتعب ..
والفج العميق : الطريق الطويل بين مرتفعين ..
والمعنى أن الله سبحانه ، أمر إبراهيم ـ بعد أن أقام البيت ـ أن يؤذن فى الناس ، ويدعوهم إلى الحج إلى هذا البيت .. فإنه إن فعل ، وجد الآذان التي تسمع هذا النداء وتستجيب له ، وإذا الناس من كل مكان قريب وبعيد ، قد جاءوا لحج هذا البيت ـ يجيئون إليه ماشين على أقدامهم ، كما يجيئون إليه راكبين من جهات بعيدة ، فتهزل مطاياهم من طول السفر ، وقلة الزّاد ، ويصيها الضمور ، وخفة اللحم.
ـ وفى قوله تعالى : (يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) بنون النّسوة ، لغير العاقل من الإبل والدوابّ ونحوها التي يعود إليها هذا الضمير ـ فى هذا ما يشير إلى بعد الشقة التي جاءت منها هذه الدواب براكبيها ، وأنها قطعت طرقا طويلة موحشة ، لا أنيس فيها ، فكانت هى وراكبوها كيانا واحدا طوال هذه الرحلة ، حيث تقتسم معهم طعامهم وشرابهم ، وتستمع إلى أحاديثهم وحدائهم ..
فاكتسبت بهذا من مشاعر الألفة والأنس ، ما جعلها أقرب شىء إلى الإنسان منها إلى الحيوان ، حيث أنس الإنسان بها ، كما يأنس برفيق سفره! فحقّ لها ـ والأمر كذلك ـ أن تخاطب خطاب العقلاء ..
قوله تعالى :
(لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ).