بَهِيمَةِ) .. وبأن الله تعالى ذكر الأيام ولم يذكر الليالى .. يقول ابن حزم فى معرض الرد على هذا :
«لأن الله تعالى لم يذكر فى هذه الآية ذبحا ، ولا تضحية ، ولا نحرا ، لا فى نهار ، ولا فى ليل ، وإنما أمر الله تعالى بذكره فى تلك الأيام المعلومات .. أفترى يحرم ذكره فى لياليهن؟ إن هذا لعجب! (١).
وحقّ لابن حزم ـ رضى الله عنه ـ أن يعجب ، ويعجب!.
وثانيا : جاء فى آية أخرى بعد هذه الآية ، أمر خاص بذكر اسم الله على بهيمة الأنعام هذه ، التي تساق هديا للبيت الحرام ، وذلك فى قوله تعالى : (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ .. لَكُمْ فِيها خَيْرٌ .. فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ .. فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) (الآية : ٣٦).
وهذا الأمر الخاص بذكر اسم الله على أنعام الهدى عند ذبحها ، هو تنويه بهذه الذبائح ، وإشعار بأنها قربان لله ، وأنها شعيرة من شعائر الله ، وعمل من أعمال الحج ، وأنها ليست لمجرد الأكل ، وإنما هى للبّر والإحسان إلى الفقراء ، حيث يطعمون من لحومها ، ويشاركون أصحابها فى الأكل منها ..
فليس الأمر بذكر اسم الله على هذه الأنعام عند نحرها ، هو إنشاء لهذا الأمر ، بل هو توكيد للأمر العام بذكر الله على ما يذبح ، وأن ذكر الله هنا ينشىء شعورا خاصا بأن هذه الأضاحى ليست ملكا خاصا لأصحابها ، وإنما هى قسمة بينهم وبين الفقراء!.
__________________
(١) المحلى : الجزء السابع ص ٤٤٦.