وثالثا : قصر ذكر اسم الله فى الأيام المعلومات ، على بهيمة الأنعام (الهدى) قد أوقع المفسرين والفقهاء فى خلاف شديد ، فى تحديد الميقات الذي تذبح فيه الأضاحى .. وهل تذبح يوم النحر ، أو فى الثلاثة الأيام المكملة ليوم النحر ، أو لآخر يوم من ذى الحجة؟ فى كل هذا آراء ..
ذلك .. أن ذكر اسم الله فى أيام معلومات ، قد أفسح للمفسرين والفقهاء مجال النظر فى هذه الأيام ، التي تذبح فيها الأضاحى .. إنها أيام ، وليست يوما .. وإذن فقد لزم الاجتهاد فى تحرّى الوقت المناسب من هذه الأيام لذبحها .. وقد كان!!
ففى رأى أبى يوسف ومحمد ـ صاحبى أبى حنيفة ـ أنها أيام النحر ، وعدّتها ثلاثة أيام .. يوم العيد ، ويومان بعده ..
وعن الشافعي ، والحسن وعطاء ، أنها أربعة أيام ، يوم العيد ، وثلاثة أيام بعده ..
وعند ابن سيرين ، يوم واحد ، هو يوم النحر.
وعند أبى سلمة ، وسليمان بن يسار ، أنها إلى هلال المحرم ..!
فأى يوم من تلك الأيام ينحر فيه الهدى ، هو مجز فى حدود هذه المقولات.
وهذا كلّه ـ فيما نرى ـ مخالف لقوله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) حيث قرن الأمر النحر بالصلاة ، التي هى صلاة العيد ، لا مطلق الصّلاة .. حيث يتحلل الحجيج من إحرامهم ، وحيث يختمون أعمال الحجّ بهذا القربان ، وحيث ينالون شيئا من حظوظ الدنيا بهذا الطعام من اللّحم فى هذا اليوم ، وحيث يشتركون جميعا فى هذه المائدة التي دعاهم الله إليها ،