كما روى ، لكان بعيد الالتئام ، متناقض الأقسام ، ممتزج المدح بالذم ، متخاذل التأليف والنظم ، ولما كان النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، ولا من بحضرته من المسلمين ، وصناديد المشركين ، ممن يخفى عليه ذلك ، وهذا لا يخفى على أدنى متأمّل ، فكيف بمن رجح حلمه ، واتسع فى بيان البيان ومعرفة فصيح الكلام علمه؟
ووجه ثالث :
أنه قد علم من عادة المنافقين ، ومعاندى المشركين ، وضعفة القلوب ، والجهلة من المسلمين ، نفورهم لأول وهلة ، وتخليط العدو على النبي صلىاللهعليهوسلم لأقل فتنة ، وتعييرهم المسلمين والشماتة بهم الفينة بعد الفينة ، وارتداد من فى قلبه مرض ممن أظهر الإسلام ـ لأدنى شبهة.
ولم يحك أحد فى هذه القصة شيئا ، سوى هذه الرواية الضعيفة الأصل ، ولو كان ذلك ، لوجدت من قريش على المسلمين الصولة ، ولأقامت بها اليهود عليهم الحجة ، كما فعلوا ، مكابرة ـ فى قصة الإسراء ، حتى كان فى ذلك لبعض الضعفاء ردّة .. ولا كذلك ما روى فى هذه القصة ـ قصة الغرانقة ـ ولا فتنة أعظم من هذه البليّة لو وجدت ، ولا تشغيب للمعادى حينئذ أشدّ من هذه الحادثة لو أمكنت!! .. فما روى عن معاند فيها كلمة ، ولا عن مسلم بسببها بنت شفة ، فدلّ ـ ذلك ـ على بطلانها واجتثاث أصلها .. ولا شك فى إدخال بعض شياطين الإنس والجنّ هذا الحديث على بعض مغفّلى المحدّثين ، ليلبّس به على ضعفاء المسلمين.
ووجه رابع :
ذكره الرواة لهذه القضية ، أن فيها نزلت الآية : (وَإِنْ كادُوا