الضالين ، من الكافرين والمشركين ، وعرضت تصوراتهم المريضة ، لجلال الألوهية وكمالها ، حتى لقد بلغ بهم الإسفاف فى ضلال العقل ، وسخف النظر ، ما أوردهم هذا المورد الذي ينزلون فيه إلى هذا المنحدر من الضلال ، فيعبدون أحجارا ، وحيوانات ، وأناسىّ ، ويجعلونها آلهة ، تخلق ، وترزق ، وتحيى ، وتميت ..!
فجاءت هذه الآية تلفت هؤلاء الضالين إلى ما هم فيه من ضلال وشرود عن عن الله ، الواحد ، المتفرد بالألوهية والملك والسلطان ..
وفى اختصاص الذين كفروا بالذكر هنا ، لأنهم هم الذين عمّوا عن هذه الآيات فضلّوا وكفروا ، أما المؤمنون فقد كان لهم نظر دائم إلى هذا الوجود ، وتفكير متصل فى أسراره وعجائبه ، فهم كما وصفهم الله سبحانه فى قوله :
(يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ) (١٩١ : آل عمران) ..
وفى قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) إلفات إلى قدرة الله سبحانه وتعالى ، وإلى ما أبدع وصور فى هذا الوجود ..
فالسموات والأرض ، كانتا شيئا واحدا ، وكتلة متضخمة من المادة .. (كانَتا رَتْقاً) أي منضما بعضهما إلى بعض ، فلا سماء ، ولا أرض .. بل كون لا معلم فيه .. ثم كان من قدرة الله ومن علمه ، وحكمته ، أن أقام من هذا الكون المتضخم ، هذا الوجود ، فى سمائه وأرضه ، وما فى سمائه من كواكب ونجوم ، وما على أرضه من إنسان ، وحيوان ، ونبات ، وجماد .. (كانَتا رَتْقاً