فى هذه الآية إشارتان :
الأولى : أن أهل الإيمان هم أهل الحق ، وأنهم جند الله ، وأنصار الله .. وهذا من شأنه أن يحملهم على الجهاد فى سبيله ، ودفع الباطل ، وردع المبطلين ، حتى يحقّ الله الحقّ ويبطل الباطل ، ويكون الدين كله لله.
والثانية : أن الله سبحانه ـ وهو العلىّ الكبير ـ لا يغلب ، ولا يغلب أولياؤه ، وأنه سبحانه ، وهو الحق ـ سينصر المحقّين الذين يقفون فى جبهة الحق ويجاهدون فى سبيله.
قوله تعالى :
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ).
هو تكملة للصورة التي كشفت عنها الآية السابقة .. بمعنى أن الله سبحانه وتعالى ، وهو الحق ، فإن ما يرسله إلى الناس ـ هو حق ، وهو خير. وإن رسالاته التي يحملها أنبياؤه ، ينبغى أن تأخذ مكانها من قلوب المؤمنين ، وأن تنزل منها كما ينزل الماء من السماء ، فتحيا به الأرض ، وتعمر الدنيا .. وإنه كما يعمل العاملون فى الانتفاع بهذا الماء وتمهيد الأرض له ، وبذر الحب فيها ـ كذلك ينبغى أن يعمل المؤمنون فى حقل الإيمان ، على حراسة هذا الإيمان وتعهده ، حتى يؤتى ثماره ، ويملأ حياة الناس خيرا وأمنا ..
ـ وفى قوله تعالى : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) .. وفى التعبير عن إنزال الماء بالفعل الماضي ، وعن اخضرار الأرض بالفعل الحاضر الذي يمتد إلى المستقبل ـ فى هذا إشارة إلى القرآن الكريم ، الذي نزل ، وإلى ثماره التي لا تنقطع أبدا ، وأنه سيظل هكذا قائما فى الحياة ، يروى القلوب ، ويحيى