ـ وفى قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) ـ إشارة إلى ما لله سبحانه وتعالى من قوة ومن عزة ، وأن قوته متفردة بالقوة كلها ، لا قوة لأحد مع قوته ، وأن عزته تملك العزة كلّها ، لا عزّة لعزيز مع عزّته .. فكيف يسوغ لعاقل أن يستمدّ القوة والعزّة من غير مالك القوة والعزة؟ إن أي متجه يتجه إليه طالب القوة والعزة غير الاتجاه إلى الله وحده ، هو سعى إلى تباب ، واتجاه إلى بوار.
قوله تعالى :
(اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ .. إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).
هو بيان يكشف عن ضلال هؤلاء المشركين الذين يعبدون الملائكة ، أو يعبدون بعضا من أنبياء الله ورسله ، كما عبد بعض اليهود العزيز ، وكما عبد بعض النصارى المسيح .. فهؤلاء ، وأولئك ـ من الملائكة والرسل ـ هم عباد من عباد الله ، وخلق من خلقه ، اصطفاهم الله ، وأكرمهم ، ومنحهم ما منحهم من قوى وآيات .. ولن يخرج بهم هذا عن أن يكونوا عبيد الله .. فكيف يعبد العبد من دون السيّد ، وكيف يؤله المخلوق مع الإله الخالق؟ ذلك سفه سفيه ، وضلال مبين ..
ـ وفى قوله تعالى : (أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) تهديد لهؤلاء المشركين الذين يعبدون عباد الله ، من دون الله .. فالله سبحانه (سَمِيعٌ) لمقولاتهم المنكرة فى هؤلاء المخلوقين .. (بَصِيرٌ) بما يعملون من أعمال ، وما يقدّمون من عبادات وقربات لهؤلاء المخلوقين .. وليس وراء هذا إلا الحساب ، والجزاء ، والعذاب الأليم ..
قوله تعالى :
(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ .. وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ..) هو تهديد ووعيد كذلك ، لأولئك المشركين ، وأن الله السميع البصير (يَعْلَمُ ما بَيْنَ