ـ قوله تعالى :
(فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ).
هو بيان لبعض وجوه النفع التي ينتفع بها الإنسان من هذا الماء ، الذي أنزله الله سبحانه وتعالى من السماء ، وأسكنه فى الأرض ، وأبقاه ولم يذهب به.
فمن هذا الماء ـ فضلا عن حياة الإنسان به ، وإرواء ظمئه ـ ينبت النبات والشجر ، ويخرج الحب والفاكهة ..
وفى اختصاص الجنّات بالذكر ، لأنها الصورة الكاملة التي تجمع مختلف الزروع ، من الفاكهة وحبّ الحصيد ..
وفى اختصاص النخيل والأعناب من بين أشجار الفاكهة ، لأنها أعلى درجات النبات صعودا إلى الكمال فى عالم النبات .. فهاتان الشجرتان على قمة العالم النباتي ، حيث تلامسان عالم الحيوان .. وقد تحدثنا عن النخلة فى بحثنا عن خلق آدم ، فى الجزء الأول من هذا التفسير ، وأشرنا إلى معنى الحديث الشريف : «أكرموا عماتكم النّخل .. فإنهن خلقن من طينة آدم» ..
قوله تعالى :
(وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ).
المراد بالشجرة هنا شجرة الزيتون .. وقد جاءت منكرة للتنويه بها ، وبأنها فى تنكيرها أعرف من كل معرّف .. وذلك لأن الله سبحانه وتعالى بارك عليها ، فقال تعالى : (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) (٣٥ : النور).
وهى منصوبة بالعطف على (جَنَّاتٍ ..) على تقدير وأخرجنا لكم به جنات من نخيل وأعناب وشجرة ..