الدنيا فى مقابل شربة من الماء ، تمسك عليه حياته ، إذا حرم الماء فى حال من الأحوال ..
روى أن أحد الزهاد دخل على الرشيد ، فعتب عليه الرشيد أنه لم يطلب منه شيئا .. فقال الزاهد : وماذا فى يدك حتى أطلب منك؟
فقال الرشيد : هذه خزائن مالى ، وهذه الأمصار .. فاطلب من المال ما تشاء ، واختر أي مصر أقيمك واليا عليه!
فقال الزاهد : وكم يساوى ما فى خزائنك من مال؟ وكم يقدّر لأمصارك وولاياتك من ثمن؟
فقال الرشيد : إنه كثير كثير .. كما ترى ..
فقال الزاهد : يا أمير المؤمنين .. بكم تشترى شربة الماء إذا اشتدّ بك العطش. وأنت فى متاهة ، ولا ماء معك؟
فقال الرشيد : بملكي كلّه ، ولو كان معى مثله لبذلته ..
فقال الزاهد : يا أمير المؤمنين .. وبكم من ملكك تدفع عن نفسك شربة الماء إذا احتبست فى داخلك ، ولم تخرج من مخرجها؟
فقال الرشيد : بملكي كلّه .. ولو كان معى ضعفه لخرجت منه!!
فقال الزاهد : هذا ملكك يا أمير المؤمنين .. كما رأيت .. فماذا أطلب مما ملكت؟
فلو أن الناس ذكروا أدنى نعم الله عندهم ، لوجد أشدّهم فقرا أنه فى غنى عريض ، وملك كبير ، ولبات مع القليل الذي فى يده ، على رضا وحمد لله ربّ العالمين ..