الله .. ثم يؤتون ما آتوا من طاعات وعبادات وهم فى صراع مع أنفسهم ، وفى خوف من لقاء الله أن يكونوا قد قصّروا ..
فهؤلاء جميعا يمكن أن يتجهوا إلى الخير ، ويجاهدوا أنفسهم لتحصيل الخير ، حيث يحمل كل منهم فى كيانه شرارة من شرارات الإيمان يمكن أن تنقدح فى حال من الأحوال ، ما دام على أية صفة من تلك الصفات ، فتشرق نفسه بنور الله ، وإذا هو ـ شيئا فشيئا ـ على هدى من ربه ، وعلى طريق الخير والإحسان ..
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) (٢٠١ : الأعراف)
وهذه الأصناف من المؤمنين ـ على قربها أو بعدها من الإحسان ـ يشدّها جميعها إلى النجاة ، والفلاح ، الإيمان بالله .. وحيث يكون الإيمان بالله ، فإنه يكون الأمل والرجاء فى السلامة والنجاة ، وحيث يتعرّى الإنسان من الإيمان فإنه لا أمل ولا رجاء فى سلامة أو نجاة ، وإن فعل أفعال المؤمنين المحسنين ..
قوله تعالى :
(أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ ..)
أي أن هؤلاء المؤمنين الذين تحققت فيهم تلك الصفات جميعها ، أو تحقق فيهم بعضها دون بعض ـ هم أهل لأن يسددوا ويرشدوا ، وأن يكونوا يوما من السباقين إلى الخير ، ما داموا فى صحبة الإيمان بالله ، ذلك الإيمان الذي يقيم فى كيانهم نورا يطلع عليهم كلما أظلمت سماؤهم ، وظللتها سحب الفتن والأهواء ..