فالإيمان بالله ، هو المعتصم ، ولا معتصم غيره ، إذا استمسك به الإنسان فقد ضمن النجاة والفلاح .. (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٠١ : آل عمران)
وقد روينا من قبل حديثا عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، فى شأن ثقيف ، حين دعيت إلى الإسلام ، فقبلته ، ولكنها اشترطت ألا تؤدى الزكاة ، ولا تجاهد فى سبيل الله ..
وحين عرض على النبىّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ إسلامهم هذا ، قبله منهم ، وقال صلوات الله وسلامه عليه : «سيتصدقون ويجاهدون فى سبيل الله إذا أسلموا» ..
قوله تعالى :
(وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها .. وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ..)
هو تطمين لقلوب هؤلاء المؤمنين ، الذين ملأت الخشية قلوبهم ، واستولى الخوف من الله عليهم ، حتى لقد كاد ذلك يكون وسواسا دائما يعيش معهم .. فجاء قوله تعالى : (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) ليخفف عن المؤمنين بالله هذا الشعور الضاغط عليهم ، وليريهم من رحمة الله ما تقرّ به عيونهم ، وتطمئن به قلوبهم ، وذلك لأن الله سبحانه : «لا يكلف نفسا إلا وسعها» وحسب المؤمن بالله أن يأتى من الطاعات ما تتسع له نفسه ، ويحتمله جهده .. والله سبحانه وتعالى يقول : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (١٦ : التغابن).
وقوله تعالى : (وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ ..) المراد بالكتاب هنا ، هو الكتاب الذي تسجّل فيه الأعمال ، لكل عامل فى هذه الدنيا ، من حسن أو سىء .. كما يقول سبحانه : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ