ـ وفى قوله تعالى : (فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ) تسفيه لهم ، وتحميق لعقولهم ، إذ ليس أبعد فى السفاهة ، ولا أوغل فى الحمق ، ممن يدعى إلى ما فيه خيره ، وعزّه ، ورفعته ، ثم يأباه ، ويؤثر الإسفاف والتدلّى إلى منازل الهوان والضياع! ..
قوله تعالى :
(أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
الخرج : الأجر ، وهو فى الأصل ما يخرج من الأرض من ثمرات ، ومنه الخراج ..
وفى الآية تعريض بالمشركين ، وبما ركبهم من سفه وجهل .. إن الخير الذي يبذل لهم ، وثوب المجد الذي ينسج ليتحلّوا به ـ إنما يقدم لهم من غير ثمن ، ومع هذا فهم يرفضونه ، ويأبون إلا أن يمشوا فى الناس عراة مهازيل!
قوله تعالى :
(وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)
هو تأكيد لهذا الخير الذي يحمل إلى هؤلاء المشركين ، على يد الرسول الكريم .. إنهم إنما يدعون بهذا الكتاب الذي يحمله الرسول إليهم ـ إلى صراط مستقيم ، إذا هم ساروا عليه أمنوا الزّلل والعثار ، وانتهوا به إلى غايات العزة ، والسيادة ، والفلاح .. فى الدنيا والآخرة جميعا.
قوله تعالى :
(وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ)
هو تهديد للمشركين ، بأنهم إذا هم لم يسيروا على هذا الصراط المستقيم الذي يدعوهم إليه الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ لم يكن أمامهم إلا طرق الضلال ، يركبونها إلى حيث تهوى بهم فى قرار الجحيم.
والصراط هنا ، هو الصراط الأخروى ، الذي يصل بالمؤمنين إلى الجنة ،