لقد كان أهم ما يميز ديانة المصريين القدماء هو فكرة الخلود .. أعنى الحياة الخالدة بعد الموت .. فتلك العقيدة هى جرثومة التفكير الديني ، الذي تولدت منه الديانة المصرية القديمة ، وتشكلت منه طقوسها ومراسمها ..
فالمصريون القدماء ، كانوا يعتقدون أنه وقد أمكن أن يحيا النيل بعد موته ، فيفيض ثم يفيض ، وأن يحيا النبات بعد موته ، فيزدهى وينضر ، فإنه ـ من باب أولى ـ أن يحيا الإنسان بعد أن يموت ..
واقرأ قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ .. أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٨٠ : المؤمنون).
* * *
لم يرض الإنسان أن يكون نصيبه من الحياة تلك السنوات التي يعيشها فى هذه الدنيا ، وأبى أن يقبل الحكم الأبدىّ عليه بالفناء الأبدىّ ، بعد الموت .. بل إنه جعل من الموت طريقا إلى الحياة الأبدية الخالدة ، التي لا موت معها.
يقول «سقراط» «عند ما فتشت عن علة الحياة وجدت الموت .. وعند ما وجدت الموت ألفيت الحياة الدائمة .. ولهذا ينبغى أن نغتمّ بالحياة ، ونفرح بالموت ، لأننا نحيا لنموت ، ونموت لنحيا ..»
وفى كتاب الهند المقدس «كاثا» : «يفنى الفاني كما تفنى الغلال ، ثم يعود إلى الحياة فى ولادة جديدة كما تعود الغلال (١)».
ويقول الفيلسوف الألمانى «جوته» :
__________________
(١) يريد بفناء الغلال دفنها فى باطن الأرض ، ثم تحللها ، وتشققها ليخرج منها النبات.