بكل معنى من معانى الخلق والفضيلة ، إذ لا ترجو بعثا ، ولا تطمع فى ثواب ولا تخشى من عقاب ..
وكذلك الشأن فى الزانية .. إنها لا تدعو إليها إلا فاسدا فاسقا ، يستجيب لها ، ويواقع المنكر معها ، أو مشركا .. لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ..
وفى هذا تغليظ لهذا الجرم. واستخفاف بأهله .. وأنهم أهل سوء ، يجتمع بعضهم إلى بعض .. فليس فيهما صالح وفاسد .. وإنما هما كائنان فاسدان ، ينجذب بعضهما إلى بعض ، كما ينجذب الذباب إلى القذر والعفن.
وفى قوله تعالى : (وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) إشارة إلى أن هذا الفحش ، أو هذا المنكر ، قد حرّم على المؤمنين ، لا يأتونه أبدا .. كما حرم عليهم شرب الخمر وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير ، وما أهلّ لغير الله به .. ومع هذا فإن بعض المؤمنين يأتى هذه المحرّمات ، ولا تنزع عنه صفة الإيمان إلا فى حال تلبّسه بالمنكر ..
وهذا ما يشير إليه قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا يقتل القاتل حين يقتل وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يزنى الزاني حين يزنى وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يختلس خلسة وهو مؤمن .. يخلع منه الإيمان كما يخلع سرباله ، فإذا رجع رجع إليه الإيمان». أي أنه فى الحال التي يتلبس فيها يفعل هذا المنكر أو ذاك لا يكون الإيمان فى صحبته ، إذ لو كان الإيمان معه ، لكان له منه وازع يزعه عن مخالفة الله ، والاعتداء على حدوده .. ففى تلك الحال يجلى الإيمان من قلبه ، وينزع الثوب الذي يلبسه منه .. فإذا صدر عن هذا المنكر ، وتاب إلى الله ، ورجع إليه ، عاد إليه الإيمان ، وكان فى المؤمنين ، العاصين ..
* * *