فالجميع داخلون فى هذا الحكم ، نساء ورجالا ، محصنات ، وغير محصنات ، ومحصنين وغير محصنين ..
وإنما ذكر الإحصان ، للدلالة به على التعفف والتصوّن ، وأن الذي يرمى بتلك التهمة إنما يرمى عفيفا متصونا ، أو من شأنه أن يكون هكذا ، أو من شأن المسلمين أن يظنوا به هذا الظن ، قبل أن يتهموه ..
فإذا لم يأت القاذف للمحصنة أو المحصن بأربعة شهداء ، أو إذا أتى بهما ولم تتحقق التهمة من شهادتهم ، لخلل فيها .. وقعوا جميعا ـ أي القاذف والشهود ـ تحت طائلة العقاب ، واستحقوا شيئا من العقوبة التي كان يستحقها المتهم لو أن التهمة ثبتت عليه ، وذلك بأن يجلد كل منهم ثمانين جلدة .. وليس هذا فحسب بل إنهم يخرجون من دائرة المسلمين العدول ، فلا تقبل لهم شهادة أبدا .. وليس هذا وكفى ، بل إنهم لينادى عليهم بأنهم فاسقون .. فتلك هى صفتهم ـ بل هذه هى صفتهم الخاسرة التي خرجوا بها من هذا الأمر الذي دخلوا فيه من غير تثبت ، واستيقان ..
وفى هذا كلّه دعوة للمؤمنين ألا يذيعوا الفاحشة فى المؤمنين ، وألا يتعجلوا الفضيحة للمسلمين ، وأن يستروا عليهم ما كان للستر موضع .. وليس معنى هذا ألا ينكر الناس المنكر ، وألا يسوقوا أهله إلى موقع العقاب ، وإنما هو الحذر والحيطة ، وعدم الطّير فرحا ، إذا اطلع المسلم على سوء من مسلم ..! وأنه إذا أراد الكشف عن هذا السوء فليكن فى حذر ، وفى مهل ، وفى رفق ، بل وفى أسى على هذا الذي غرق فى الإثم ، ووقع بين أنياب الفتنة ..!
ـ وفى قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) استثناء من الحكم الذي قضى به الله تعالى على أولئك الذين يرمون المحصنات ، ولم تكن بين أيديهم الحجة القاطعة ، وقد تضمن هذا الحكم ثلاثة