واجتمعت عليه ، وأصبحت عصبة له ، لما بينها من علائق التلاحم ، والترابط ، والتوافق ، فى فساد العقيدة ، وضعف الإيمان ، والانجذاب نحو الشرّ ..
ورابعا : أن هذه العصبة التي جاءت بالإفك ـ شأنها فى ذلك شأن كل عصبة ـ لها رأس فاسد يقودها إلى الشرّ ، ويجمعها عليه .. ومن وراء هذا الرأس ، أعضاء ، تعمل معه ، ولكل عضو مكانه ودوره الذي يقوم به.
وخامسا : هذه العصابة الآثمة التي جاءت بهذا الإفك ـ لها حسابها ، وجزاؤها عند الله .. أما زعيمها ، ولذى تولّى كبر أمرها ، فله عذاب عظيم ، أضعاف ما يلقاه غيره من الذين معه ..
وسادسا : هذا الحديث الآثم ، وإن بدا فى ظاهره أنه شرّ تأذّت به النفوس الطاهرة ، وضاقت به الصدور الكريمة ـ فإنه يحمل فى طيّاته خيرا كثيرا ، حين ينجلى هذا الدخان ، ويتبدد هذا الضباب ، فيسفر وجه الحق ، ويكشف عن آية من آيات الله ، فى الطّهر ، والعفّة ، والتصوّن ..
وحديث الإفك ـ كما يروى ـ هو أن أم المؤمنين «عائشة» رضى الله عنها ، كانت فى صحبة النبىّ صلىاللهعليهوسلم فى إحدى غزواته ، ويقال إنها غزوة ـ بنى المصطلق ـ وفى طريق العودة ، نزل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأصحابه منزلا ، فلما آذنوا بالرّحيل ، كانت أم المؤمنين ، عائشة ، تقضى حاجة لها ، بعيدا عن هودجها الذي كانت تحمل عليه ، وإذ كانت فى عجلة من أمرها ، فقد افتقدت عقدا لها .. فلما التمسته ولم تجده ، وهى فى طريقها إلى هودجها ، عادت تبحث عنه ، فلما وجدته ، وأسرعت لتأخذ مكانها فى رحلها ، كان القوم قد احتملوه ، وكانت صغيرة ، خفيفة اللحم ، فلم ينتبهوا إلى شىء مما حدث ، وظنوا أنها فى الرحل الذي حملوه ..