الأولى حكم خاص ، لا يلتقى معه الحكم الذي يقع من التلاعن بين الزوجين ، فى أي وجه من الوجوه ..
وإذن فلا تناسخ بين الآيات السابقة واللاحقة ، بالتخصيص أو غيره .. وإنما كل من السابق واللاحق من الآيات له موضعه ، وله الحكم الواقع على هذا الموضع ..
ونعود بعد هذا إلى حديث الإفك .. وقد جاء كما قلنا فى معرض خاص به ، لأنه أشنع ما يقع فى هذا الباب ، من صور القذف ..
وقد جاء القرآن الكريم بالحكم أولا على هؤلاء الذين افتروا تلك الفرية المنكرة ، وأذاعوا هذا البهتان العظيم .. فقال تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ ..)
وقد تضمن هذا الحكم أمورا ، منها :
أولا : وصف هذا الحدث الذي أثار البلبلة فى الخواطر ، والاضطراب بالنفوس ـ بأنه «إفك» .. والإفك هو الافتراء ، وخلق الأباطيل ، ونسجها من الكذب والبهتان ..
وثانيا : تصوير هذا (بِالْإِفْكِ) الذي جرى على ألسنة المؤتفكين ، فى صورة مجسّدة ، وأنّه شىء مجلوب جاءوا به من عالم الظلام ، وتعاملوا به ، وتبادلوه ، فيما بينهم ، كما يتبادلون النقد الزائف : (جاؤُ بِالْإِفْكِ)
وثالثا : وصف الجماعة التي جلبت هذا (بِالْإِفْكِ) واستوردته من ظنونها السيئة ، وأوهامها الضالة ـ وصفها بأنها (عُصْبَةٌ) تداعت على الإفك ،