أذى .. أما ما وراء ذلك ـ وإن عظم ـ فهو هين ، يمكن أن تتحمله النفس وتصبر عليه ..
ومن هنا ندرك ، ما كان يعالجه الصدّيق من هموم ، وما يعاينه من آلام! ..
فهو ـ كمؤمن من المؤمنين ، وأكثرهم حملا لأعباء الإسلام ـ قد أخذ بنصيبه الأوفى من تلك التهمة ..
ثم هو كأكثر المؤمنين حبّا لرسول الله ، وتعلقا به ، وإيثارا له .. قد ذهب بالنصيب الأوفر منها ..
ثم هو كأب لأم المؤمنين ، وكسيد من سادات القوم ، يحرص على شرفه ـ قد أخذ نصيبه كاملا منها ..
ومع هذا كله ، ومع تلك الأعباء الثقال التي حملها ـ فإنه ـ رضوان الله عليه لم ير النبىّ إلا ما يحبّ ، ولم يسمعه إلا ما يرضيه .. وإنه لو استطاع أن يحمل عن النبىّ ما حمل من هذا الأمر لفعل .. ولكنه كان أبدا مع قوله تعالى : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ ..)
ومن هنا أيضا ندرك بعض السرّ فى أن كان من تدبير الله سبحانه وتعالى ، ومن فضله العظيم على أبى بكر وإحسانه العميم إليه .. أن تتنزل رحمات الله على هذا البيت الكريم ، الذي تعرض لهذه العاصفة الهوجاء المجنونة ، وأن يطلع منه هذا النور السماوىّ الوهاج ، الذي يفضح دعاة الإفك ، ويخزيهم ، ويسمهم بسمات الذلة ، ويقيمهم فى قفص الاتهام إلى يوم الدين ، حيث ينظر إليهم نظرة اتهام ، كلّ قارئ لكتاب الله ، مرتل لتلك الآيات البينات ، التي نزل بها الروح الأمين على الرسول الكريم ، فى بيت الصدّيق ، وعلى مشهد