فإذا كان فى الحياة طيب ، وعفة ، وطهر ، فهنا الطيب ، والعفة والطهر ، وإذا كان فى النساء امرأة لا تزلّ ، وأنثى لا تأثم ، فهى هذه المرأة ، وهى تلك الأنثى!! ..
هذا هو منطق الواقع ، فيما تنطق به الحياة ، فى مختلف البيئات ، وفى كل الأزمان .. الطيّب لا يقبل إلا طيبا ، من قول أو عمل ، أو زوج أو صديق .. والخبيث لا يقبل إلا الخبيث ، من قول أو عمل ، أو زوج ، أو صاحب ، .. وهذا ما يشير إليه الحديث : «الأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها ائتلف ، وما تنافر منها اختلف» ..
وفى الآية أمور ..
فأولا : قدّم (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ ، وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ) على (الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ ..)
وذلك لأن الخطاب موجه أولا إلى أولئك الذين خبثوا نفسا ، ودينا ، فأطلقوا ألسنتهم فى الطيبات والطيبين من المؤمنين ، وأنهم لو لم يكونوا على تلك الصفة لظنوا بالمؤمنين والمؤمنات خيرا ، ولكانوا يقولون إذ سمعوا اللغط بهذا الحديث : (ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا .. سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ) كما وصّى الله المؤمنين بذلك ، ودعاهم إليه ..
وثانيا : قدّمت المرأة على الرجل هنا فى الحالين : الخبث والطّيب .. وذلك لأن المرأة هى التي يطلب لها كفؤها من الرجال ، فلا يصح أن تتزوج بمن هو أنزل منها شرفا وقدرا ..
والكفاءة هنا منظور إليها من ناحية التقوى ، والعفة ، والطهر ..
فالخبيثة ، كفؤها من هو أخبث منها خبثا ..