فيمن يتناوله .. وليس هذا فحسب ، بل إنه يقوم على هذه المائدة ناصح أمين ، يدعو إلى الأكل من الطيب ، ويحذر من مدّ الأيدى إلى الخبيث : (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً .. وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ .. إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (١٦٨ : البقرة) على أنه ليس لهذا الناصح أن يمسك بأيدى الآكلين على هذا الطعام أو ذاك : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (١٤ : القيامة) .. (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها) (١٠٤ : الأنعام) ..
إن الإسلام ليحترم الإنسان ، ويرفع قدره ، ويعلى منزلته ، ويخرج به عن دائرة الطفولة إلى مجال الرشد ، وحمل المسئولية .. وقد أمدّه الإسلام بأمداد الرعاية والهداية ، بما بعث من رسول كريم ، يحمل بين يديه آيات الله وكلماته وضيئة مشرقة ، تجلو غياهب الرّيب ، وتكشف وجوه المنكر ، فالحلال بيّن والحرام بيّن .. وما على الإنسان إلا أن يجمع رأيه ، ويحزم أمره على اختيار الطريق السوىّ .. طريق الخير ، والحق ، والإحسان .. واجتناب الطرق المليئة بالمعاثر والمهالك .. طرق الشر ، والبغي ، والعدوان ..
أما التحكك بالمماحكات والسفسطات ، فجدل عقيم لا يلد إلّا البوار والهلاك .. والعاقل من دان نفسه قبل أن يدان ، وتوقّى الشرّ قبل أن يقع فيه.
____________________________________
الآيات : (٣٦ ـ ٤٧)
(وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ (٣٦) خُلِقَ الْإِنْسانُ