ورسوله ، حتى إن رحمة الله ـ مع سعتها ـ تكاد تطردهم من رحاب فضلها وجودها ..
ـ وفى قوله تعالى : (بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ) ـ إشارة إلى أن هؤلاء المشركين ، قد شغلوا بما هم فيه من لهو ومتاع ، وأنهم لهذا لا يذكرون الله ، وأنه إذا جاءهم من يذكّرهم بالله ، ويعرض عليهم آياته وكلماته ، أعرضوا ، وسفهوا .. وذلك غاية فى الضلال والخسران .. إذ أنه قد يغفل الإنسان عن الخطر الذي يتهدده ، وينسى أو يتناسى المكروه الذي يترصده ، فإذا هلك فى هذا الوجه ، كان له بعض العذر عند نفسه أو عند الناس ، أما من ينبّه إلى الخطر فلا ينتبه ، ويحذّر من البلاء فلا يرعوى ، فإنه إذا لقى مصيره المشئوم ، لم يجد من يعذره ، أو يرثى له ..
قوله تعالى :
(أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا؟ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ).
هو مطالبة لهؤلاء المشركين الذين لجّوا فى ضلالهم وطغيانهم ، أن يأتوا بمن يمنعهم من دون الله ، ويدفع عنهم يأسه إن جاءهم .. فليسأل المشركون أنفسهم هذا السؤال : ألهم آلهة تمنعهم من دون الله؟ فإن هم عموا عن حقيقة آلهتهم ، وقالو : نعم ، إن لنا آلهة نعبدها ، ونرجو نصرها وعونها ـ إن هم قالوا هذا الضلال ، وجدوا فى قوله تعالى : (لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) ـ ما يردّ عليهم هذا السّفه ، ويبطل هذا الباطل .. فإن هذه الآلهة لا تستطيع الدفاع عن نفسها ، ولا ردّ السوء إذا وقع بها ، فكيف تنصر غيرها ، وتدفع السوء عنه؟.
ـ وفى قوله تعالى : (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) إشارة إلى أن هؤلاء المشركين ،