لا يجدون من آلهتهم نصرا ، كما أنهم لا يجدون من الله عونا ، ولا نصرا .. إذ لا عمل يشفع لهم عند الله ، ويردّ عنهم بأسه ، فلا يصحبون من الله بعون أو نصر ..
قوله تعالى :
(بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ).
أي أن هؤلاء المشركين قد مدّ الله لهم ، فى ضلالهم ، ولم يعجّل لهم العذاب بل متعهم ، كما متّع آباءهم المشركين من قبلهم ، حتى استوفوا آجالهم .. وقد حسبوا ـ لضلالهم ـ أن الله غافل عما يعمل الظالمون ، وأنهم بمنجاة من بأس الله ، لما فى أيديهم من مال ومتاع .. وذلك ظنهم بربّهم هو الذي أرداهم ..
لقد جهلوا قدر الله ، ولم يرجوا له وقارا ، ولم يخشوا له بأسا .. ولو نظروا فيما بين أيديهم وما خلفهم لرأوا كيف تأتى غير الله ، وكيف يقع بأسه بالظالمين فكم أهلك الله قبلهم من قرون؟ وكم أذلّ من جبابرة؟ وكم بدّل من أحوال وأوضاع؟ فهل بقي حال على حاله ، أو ظل ذو سلطان فى سلطانه؟ أم أنهم هم القوة التي لا تغلب ولا تنزل بها الأحداث والغير؟ (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها؟ أَفَهُمُ الْغالِبُونَ؟) والاستفهام الأول للأمر ، والثاني للتهديد ..
والمراد بالاستفهام الأمرى : إلفات المشركين إلى ما يقع من غير الله فى الناس ، وأنه سبحانه القوى القهار ، يذلّ الجبابرة ، ويرغم أنوف المتكبرين ، فإذا هم فى لباس الذلة بعد العزة ، وفى دار الهوان بعد الكرامة ، وفى ضنك العيش بعد النعمة والرفاهية. هذه سنة الله فى هذه الدنيا ، فلا شىء فيها يبقى على حال ، بل كل شىء إلى زوال : (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ