أي قطعا صغيرة متناثرة .. إلا كبير هذه الأصنام ، فإنه أبقى عليه. لأمر أراده ، سيكشف عنه فيما بعد .. وفى هذا يقول الله تعالى فى سورة الصافات : (فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ؟. ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ؟. فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ.) (الآيات : ٩١ ـ ٩٣)
(قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا .. إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ) ..
وحين رأى القوم آلهتهم حطاما ، وقد جاءوا إليها عابدين ، أخذتهم الحيرة والدهشة ، واستولت عليهم حال من الذهول والوجوم .. فلما زايلتهم تلك الحال ، جعلوا يتساءلون : (مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا؟) يقولونها ولا يسألون أنفسهم : كيف يفعل بآلهتهم هذا ، ولا تستطيع أن تدفع عن نفسها ما يكاد لها به؟ أآلهة تحتاج إلى من يحرسها ويحميها؟ لم يلتفتوا إلى شىء من هذا ، بل مضوا يبحثون عن الجاني الذي فعل تلك الفعلة .. (إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ)!
(قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) ..
والتفت القوم إلى من يحقر هذه الآلهة ، ويبغض مقامها فيهم ، فلم يجدوا غير إبراهيم ، الذي أنكر عليهم عبادتها ، وسخر من قبل بهم وبها!
(قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ) ..
وجاءوا بإبراهيم ، ووضعوه موضع المساءلة والاتهام ، على أعين الناس ، وبمشهد من الجموع الحاشدة ، التي هزّها هذا الحدث العظيم!
(قالُوا : أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ)؟.
(قالَ : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا .. فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ؟).
بهذا الأسلوب الساخر القاتل ، يجيب إبراهيم على اتهام القوم له.
أنا لم أفعل هذا بتلك الأصنام ، بل الذي فعله ، هو كبيرهم هذا ، الذي ترونه قائما على هذه الأشلاء! لقد قامت بينه وبين أتباعه معركة ، وليس هذا ببعيد ،