اهجموا عليه .. حرقوه ..
وفى قولهم : (وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ) تحريض على إمضاء هذا الحكم وإنفاذه ، فهو انتصار لا لأشخاصهم ، وإنما هو انتصار لآلهتهم .. فمن لم يقف معهم فى هذه الجبهة المدافعة عن الآلهة ، ومن لم يضرب بيده فى وجه هذا المعتدى عليها ، فلينتظر غضب الآلهة ، وما يحلّ به من بلاء!!
وفى قولهم : (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) تحريض بعد تحريض ، على إنفاذ الحكم الذي حكموا به على إبراهيم ..
أي إن كنتم منتصرين لآلهتكم ، غير خاذلين لها ، فحرقوا إبراهيم ، وانصروا آلهتكم. أما إذا خذلتموها .. فهذا أمر آخر!!
(قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ).
وهكذا أمضى القوم حكمهم فى إبراهيم ، فأوقدوا نارا عظيمة ، وألقوه فيها .. ولكنّ رحمة الله تداركته ، وعنايته أحاطت به ، فلم يخلص إليه من النار أذى ، بل كانت بردا وسلاما عليه ..
وفى قوله تعالى : (عَلى إِبْراهِيمَ) .. بذكر إبراهيم ، بدلا من الضمير ـ فى هذا تكريم لإبراهيم ، ورفع لقدره ، وتمجيد لاسمه!
وانظر إلى قدرة الله .. النّار المتأججة الجاحمة ، يلقى بإبراهيم فى لهيبها المتضرّم دون أن يجد لهذه النار أثرا من الحرارة .. بل لقد تحولت إلى برد يحتاج المرء معه إلى نار تدفئه!
فكان قوله تعالى : (وَسَلاماً) هو الأمر الذي صدعت له النار فأعطت بردا لطيفا لا تقشعر منه الأبدان .. بل هو أشبه بنسائم العشىّ بعد نهار قائظ ..