على قصة .. والتقدير ونذكر نوحا إذ نادى ربه من قبل هذا الزمن الذي كان فيه هؤلاء الأنبياء .. إبراهيم ، ولوط ، وموسى ، وهرون .. (فَاسْتَجَبْنا لَهُ) أي أننا استجبنا دعاءه الذي دعانا به ، على قومه ..
ودعاء نوح على قومه ، هو ما ذكره الله سبحانه وتعالى فى قوله : (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) (١٠ : القمر) وفى قوله سبحانه : (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٢٦ : نوح).
وقد استجاب الله سبحانه وتعالى لنوح ، فأهلك قومه جميعا بالغرق ، ونجاه هو ومن آمن معه ، وما آمن معه إلا قليل ..
و (الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) : هو الطوفان ..
وفى قوله تعالى : (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) ـ جاء حرف الجرّ «من» بدلا من «على» الذي يقتضيه الفعل ، فإن «نصر» يتعدّى بعلى لا بمن تقول نصرت فلانا على فلان .. وذلك لأن الفعل هنا تضمّن ، معنى الانتقام والانتصاف لنوح من قومه ، إذ كانوا هم الذين اعتدوا عليه ، وبادءوه بالسفاهة ، وتوعدوه بالسوء ، وتهددوه بالرجم ـ فكان نصر الله له انتصافا لنوح منهم ، وانتقاما له من عدوانهم عليه .. وعلى هذا يكون معنى قوله تعالى : (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي أخذنا له بحقه من القوم الذين كذبوا بآياتنا ، واعتدوا على رسولنا ، وانتصفنا له منهم.
ولو جاء النظم القرآنى على ما يقضى به مطلوب الفعل «نصر» فكان النظم هكذا (نَصَرْناهُ) على القوم الذين كذبوا بآياتنا ، لما أعطى الفعل هذا المعنى الذي أفاد النصر ، والانتقام معا ، والذي دلّ على أن القوم كانوا معتدين ، ظالمين .. ولوقف بمعنى النصر عند حدود هذا المعنى المجرد ، الأمر الذي يمكن أن يفهم منه النصر على أنه نصر بين متخاصمين، لا يعرف منهما المحقّ من المبطل