رابعا ـ يبتلى المحسنون والصالحون من عباد الله بما يبتلون به ، وهم على وعد من الله سبحانه وتعالى ، بأن وراء الضيق فرجا ، وبأن مع العسر يسرا .. وأنهم إن صبروا اليوم على الضرّ والأذى ، فإنهم لعلى موعد بلقاء غد ينجلى فيه الكرب ، وتنقشع غمامات الضر .. (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (١٥٥ ـ ١٥٧ : البقرة) ..
وكما قيل ، من أن الصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى ، فكذلك كل نعمة من نعم الله ، لا يذوق حلاوة طعمها ، ولا يعرف جلال قدرها إلا من حرمها ، وطال حرمانه وافتقاده لها ، فإذا لقيها بعد هذا ، عرف كيف فضل الله عليه ، وكيف إحسانه إليه ، ومن ثم يعرف كيف يؤدّى لله بعض ما يجب له ، من حمد وشكران ..
(*)
قوله تعالى :
(وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ) ..
جاء ذكر إسماعيل ، بعد ذكر أيوب ، لأن كلا منهما قد ابتلى ابتلاء عظيما من الله ، وكلّا منهما كان من الصابرين على ما ابتلى به.
فأيوب ، قد كان فى عافية ، وفى نعمة ظاهرة ، ثم ابتلاء الله فى نفسه وماله وولده جميعا .. فصبر راضيا بحكم الله فيه ، مطمئنا إلى مواقع الرحمة منه ..
وإسماعيل .. قد رأى أبوه فى المنام أنه يذبحه بأمر من ربه ، فلما أخبره بأمر الله ، وطلب إليه رأيه ، لم يتردد فى الجواب ، وقال : (يا أَبَتِ افْعَلْ