ستكون الخروج بأوّل «دراسة نقدية» للنصّ القرآني ، واكتشاف التداخلات بينه وبين النصوص الأخرى في التوارة وغيرها من الكتب المقدسة في الأدبين المسيحي واليهودي (١).
ان نقل امثال هكذا نصوص تؤكد أنّ هدف بعض المستشرقين ـ وخصوصاً رجال الدين منهم ـ لم يكن حفظ التراث فقط بل هو المساس بالنصّ القرآني وقدسيته ، لكن تحت غطاء البحث والتنقيب في المخطوطات ومساعدة المسلمين في التعرف على مخطوطاتهم وتراثهم ، والسعي معهم لحفظه وضبطه ، وهو ملحوظ في أقوال بوتن ودعواه عن الصحف القرآنية التي شاهدها في مسجد صنعاء باليمن.
نعم ، قد تأثّر بعض الباحثين المسلمين العلمانيين المعاصرين في الدول الإسلامية باقوال علماء الغرب ونظرياتهم وجعلوها أصولاً صحيحة في التحقيق لا يمكن مخالفتها ، ساعين معرفة التراث الإسلامي من خلال ما قننه علماء الغرب في معرفة الآثار وتطور الكتابة والخط وكيفية التعرّف على الحبر والورق وأمثال ذلك ، لكن جهودهم لم تحظى بالقبول من جميع المسلمين ، وإن تأثّر به بعضهم.
وبالتالي فإنّ الفحص الكيمياوي والمختبري للمخطوطات والوقوف على كيفية تطور الخط والكتابة من السرياني والحجازي والكوفي وما شابه ذلك لا ننكره وهو صحيح إلى حدّ ما وله دور في التعرف على الحقيقة ، لكنّه ليس كلّه.
كما يجب أن لا نتغاضى ولا ننسى أيضاً بأنّ الأوروبيين في القرون الوسطى
__________________
(١) دراسات ألمانية حول القرآن ، لأندرو هيغنز.