وعليه فإقراء رسول الله أمّته القرآن على المكث والتأنّي ، بحيث كان لا يتجاوز عشر آيات حتّى يعلّمهم ما فيها من العلم والعمل (١) كان العامل الاول لصون الكتاب العزيز من التحريف ، وهو معنى قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ، (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقرآنهُ).
وكذا وجود أمير المؤمنين علي عليهالسلام ـ والصحابة الكبار امثال ابن مسعود وابي ـ بين الأمة وتصدي أمير المؤمنين لأمر جمع القرآن بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله مباشرة كان العامل الآخر الذي صان الكتاب من التحريف وذلك بوقوفه أمام الزيادة والنقصان فيه لـ (كي لا يزيد الشيطان فيه ولا يُنقص منه) و (خَشِيتُ أنْ ينقلب القرآن) أو (أن ينفلت القرآن).
وإنّك لو راجعت القرّاء السبعة الذين انتخبهم ابن مجاهد (٢) لرأيت أربعة أو خمسة اسماء منهم ترجع قراءتهم إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (٣) وهذا يعني ارتباط هذا القرآن بأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب قراءةً وإقراءً وأنّه عليهالسلام ليس ببعيد عنه كما يزعمون ، وعليه فالإمام هو الإنسان الأوّل الذي دوّن المقروء لفظاً وجعله كتابة ، وذلك بتعليمه أبي الأسود الدؤلي اُصول الإعراب.
ومما قيل في هذا المضمار : أنّ الدؤلي قال للكاتب :
__________________
(١) الاتقان ٢ : ٤٦٨ ، عن ابن تيمية في دقائق التفسير ٢ : ٢٢٧.
(٢) انظر كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد.
(٣) فصلنا ذلك في كتابنا (جمع القرآن) المجلّد الأول ص ٣٥١ و ٣٨١ الى ٤١٠