(وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (الأحقاف : ١٧)
فقد عزا مروان بن الحكم نزول هذه الآية في حق عبد الرحمن بن أبي بكر زورا ، وبهتانا.
حيث أن معاوية طلب من مروان بن الحكم ـ واليه على المدينة ـ أن يأخذ البيعة لابن معاوية يزيد ، فأبى عبد الرحمن بن أبي بكر أن يبايع ، فعزا مروان نزول هذه الآية في حقه ، فتدخلت عائشة عند ما التجأ إلى بيتها عبد الرحمن بن أبي بكر ، وأفهمت مروان سبب نزول الآية ، وأنها ليست في عبد الرحمن بن أبي بكر.
عن يوسف بن ماهك قال : «كان مروان على الحجاز استعمله معاوية بن أبي سفيان ، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية ، لكي يبايع له بعد أبيه ، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا ، فقال : خذوه.
فدخل بيت عائشة ، فلم يقدروا عليه ، فقال مروان : إن هذه أنزلت فيه (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما) ، فقالت عائشة : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري».
وفي رواية : «إن مروان لما طلب البيعة ليزيد ، قال : سنّة أبي بكر ، وعمر ، فقال عبد الرحمن : سنة هيرقل ، وقيصر ، فقال مروان : هذا الذي قال الله فيه : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما) الآية ، فبلغ ذلك عائشة ، فقالت : كذب مروان ، والله ، ما هو به ، ولو شئت أن أسمي الذي نزلت فيه ، لسمّيته» (١).
خامسا : معرفة ما إذا كانت العبرة لعموم اللفظ أم لخصوص
__________________
(١) أخرجه عبد بن حميد ، والنّسائي ، وابن المنذر ، والحاكم.