وتدابيرهم وصنائعهم يحدث منهم وهم غير عالمين ؛ فلما استحال ذلك دل على أن الصنائع المحكمة لا تحدث الا من عالم (١).
كذلك لا يجوز أن تحدث الصنائع الا من قادر حي ؛ لأنه لو جاز حدوثها ممن ليس بقادر ولا حي لم ندر لعل سائر ما يظهر من الناس يظهر منهم وهم عجزة موتى ؛ فلما استحال ذلك دلت الصنائع على أن الله حي قادر.
مسألة
فان قال قائل : لم قلتم ان الله سميع بصير؟ قيل له : لأن الحى اذا لم يكن موصوفا بآفة (٢) تمنعه من ادراك المسموعات والمبصرات اذا وجدت فهو سميع بصير. فلما كان الله تعالى حيا لا تجوز عليه الآفات من الصمم والعمى وغير ذلك ـ اذ كانت الآفات تدل على حدوث جازت عليه ـ صح أنه سميع بصير.
مسألة
فان قال : أتقولون ان الله تعالى لم يزل عالما قادرا سميعا بصيرا؟ قيل له : كذلك نقول. فان قال : فما الدليل على ذلك؟ قيل له : الدليل على ذلك أن الحى اذا لم يكن عالما كان (٣)
__________________
(١) قد يفيد هذا الدليل اثبات أصل العلم لله ولكن المدعى أن الله يعلم كل شيء حتى المعلومات التى ستوجد والأشياء التى يستحيل وجودها فهل يثبت الدليل ذلك أم أننا ما زلنا بحاجة الى المزيد من الأدلة التى تثبت عموم علمه تعالى لكل ما يصح أن يعلم؟ قد يكون المتأخرون من الأشاعرة أكثر عمقا من الأشعرى فى ذلك.
(٢) ل : نقلها الناسخ : بأنه.
(٣) ل : تركها الناسخ