مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (١٣٥))
شرح الكلمات :
(الْغَنِيُ) : عن كل ما سواه ، فغناه تعالى ذاتي ليس بمكتسب كغنى غيره.
(ذُو الرَّحْمَةِ) : صاحب الرحمة العامة التي تشمل سائر مخلوقاته والخاصة بالمؤمنين من عباده.
(وَيَسْتَخْلِفْ) : أي ينشىء خلقا آخر يخلفون الناس في الدنيا.
(إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ) : إن ما وعد الله تعالى به عباده من نعيم أو جحيم لآت لا محالة.
(عَلى مَكانَتِكُمْ) : أي على ما أنتم متمكنين منه من حال صالحة أو فاسدة.
(عاقِبَةُ الدَّارِ) : أي الدار الدنيا وهي سعادة الآخرة القائمة على الإيمان والعمل الصالح.
(إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) : أي لا يفوز الظالمون بالنجاة من النار ودخول الجنان لأن ظلمهم يوبقهم في النار.
معنى الآيات :
بعد تلك الدعوة إلى عبادة الله تعالى وتوحيده فيها وبيان جزاء من أقام بها ، ومن ضيعها في الدار الآخرة.
خاطب الرب تبارك وتعالى رسوله قائلا : (وَرَبُّكَ الْغَنِيُ (١) ذُو الرَّحْمَةِ) أي ربك الذي أمر عباده بطاعته ونهاهم عن معصيته هو الغني عنهم وليس في حاجة إليهم ، بل هم الفقراء إليه المحتاجون إلى فضله ، ورحمته قد شملتهم أولهم وآخرهم ولم تضق عن أحد منهم ، ليعلم أولئك العادلون بربهم الأصنام والأوثان أنه تعالى قادر على إذهابهم بإهلاكهم بالمرة ، والإتيان بقوم آخرين أطوع لله تعالى منهم ، وأكثر استجابة له منهم : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) وليعلموا أن ما يوعدونه من البعث والحساب والجزاء لآت لا محالة وما أنتم بمعجزين الله تعالى ولا فائتينه بحال ،
__________________
(١) الغني هو الذي لا يحتاج إلى غيره وكل غنى من الخلق غناه إضافي غير حقيقي أما غنى الله تعالى فهو حقيقى فقوله وربك الغني أي الغنى المطلق الذي لا يشاركه فيه غيره ولذا كان في الصيغة قصر الغنى الحق عليه تعالى.