شرح الكلمات :
(بِالْقِسْطِ) (١) : العدل في القول والحكمة والعمل.
(أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ) : أي أخلصوا العبادة لله واستقبلوا بيته.
(كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) : كما بدأ خلقكم أول مرة يعيدكم بعد الموت أحياء.
(أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ) : يوالونهم محبة ونصرة وطاعة ، من غير الله تعالى.
(زِينَتَكُمْ) : أي البسوا ثيابكم عند الدخول في الصلاة.
(وَلا تُسْرِفُوا) : في أكل ولا شرب ، والإسراف مجاوزة الحد المطلوب في كل شيء.
معنى الآيات :
ما زال السياق في بيان أخطاء مشركي قريش فقد قالوا في الآيات السابقة محتجين على فعلهم الفواحش بأنهم وجدوا آباءهم على ذلك وأن الله تعالى أمرهم بها وأكذبهم الله تعالى في ذلك وقال في هذه الآية (٢٩) (قُلْ) يا رسولنا (أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) الذي هو العدل وهو الإيمان بالله ورسوله وتوحيد الله تعالى في عبادته ، وليس هو الشرك بالله وفعل الفواحش ، والكذب على الله تعالى بأنه حلل كذا وهو لم يحلل ، وحرم كذا وهو لم يحرم ، وقوله تعالى (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أي وقل لهم يا رسولنا أقيموا وجوهكم عند كل (٢) مسجد أي أخلصوا لله العبادة ، واستقبلوا بيته الحرام ، (وَادْعُوهُ) سبحانه وتعالى (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي ادعوه وحده ولا تدعوا معه أحدا قوله : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) يذكرهم بالدار الآخرة والحياة الثانية ، فإن من آمن بالحياة بعد الموت والجزاء على كسبه خيرا أو شرا أمكنه أن يستقيم على العدل والخير طوال الحياة وقوله (فَرِيقاً هَدى ، (٣) وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) (٤) بيان لعدله وحكمته ومظاهر قدرته فهو المبدىء والمعيد والهادي والمضل ، له الملك المطلق والحكم
__________________
(١) (بِالْقِسْطِ) : العدل ، وهو وسط بين الشرك والإلحاد. ولذا قال ابن عباس : القسط : لا إله إلّا الله أي : بأن يعبد الله وحده.
(٢) أي : في كل موضع للصلاة من سائر بقاع الأرض إذ موضع السجود هو المسجد وإقامة الوجوه بالذات معناه أن لا يلتفت بقلبه ولا بوجهه إلى غير الله تعالى وهو إخلاص العبادة لله عزوجل.
(٣) (فريقا) نصب على الحال من الضمير في تعودون أي : حال كونكم فريقين فريقا مهديا سعيدا ، وفريقا وجبت عليه الضلالة فجاء الموقف ضالا شقيا ، وقال القرطبي : من ابتدأ الله خلقه للضلالة صيّره للضلالة ومن ابتدأ الله خلقه على الهدى صيره إلى الهدى ، وشاهد قوله هذا آدم وإبليس فآدم مخلوق للهداية وإبليس للضلالة.
(٤) أخرج مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : كانت المرأة في الجاهلية تطوف بالبيت وهي عريانة وتقول :
من يعيرني تطوافا تجعله على فرجها وتقول :
اليوم يبدو بعضه أو كله |
|
وما بدا منه فلا أحله |