الأوحد ، فكيف يعدل به أصنام وأوثان هدى فريقا من عباده فاهتدوا ، وأضل آخرين فضلوا ولكن بسبب رغبتهم عن الهداية وموالاتهم لأهل الغواية ، (إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ) فضلوا ضلالا بعيدا (وَيَحْسَبُونَ) لتوغلهم في الظلام والضلال (أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ).
وقوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أي البسوا ثيابكم عند الطواف (١) بالبيت فلا تطوفوا عراة ، وعند الصلاة فلا تصلوا وأنتم مكشوفوا العورات كما يفعل المشركون المتخذون الشياطين أولياء فأضلتهم حتى زينت لهم الفواحش قولا وفعلا واعتقادا. وقوله : (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) (٢) أي كلوا مما أحل الله لكم واشربوا ، ولا تسرفوا بتحريم ما أحل الله ، وشرع ما لم يشرع لكم فالزموا العدل ، فإنه تعالى لا يحب المسرفين فاطلبوا حبه بالعدل ، واجتنبوا بغضه بطاعته وطاعة رسوله صلىاللهعليهوسلم.
من هداية الآيات :
١ ـ وجوب العدل في القول وفي الحكم.
٢ ـ وجوب اخلاص العبادة صلاة كانت أو دعاء لله تعالى.
٣ ـ ثبوت القدر.
٤ ـ وجوب ستر العورة في الصلاة.
٥ ـ حرمة الإسراف في الأكل والشرب وفي كل شيء.
__________________
(١) هذه الآية الكريمة أصل من أصول الدواء ، إذ أمرت بالأكل والشرب وهما قوام الحياة وحرّمت الإسراف فيهما وهو سبب كافة الأمراض إذ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) وشاهد آخر أنه كان لهارون الرشيد طبيب نصراني قال لعلي بن الحسين : ليس في كتابكم من علم الطب شيء ، والعلم علمان علم أديان وعلم أبدان فقال له علي قد جمع الله الطب كلّه في نصف آية من كتابنا فقال له ما هي؟ قال : قوله عزوجل (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا).
(٢) روي أن سمرة بن جندب رضي الله عنه سأل عن ابنه فقيل له : بشم البارحة؟ قال : بشم؟ قالوا : نعم قال : أما إنه لو مات ما صليت عليه ، وقال العلماء : من الاسراف : الأكل بعد الشبع ، وقال لقمان لابنه : يا بني لا تأكل شبعا فوق شبع فإنك إن تنبذه للكلب خير من أن تأكله.