رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ (٩٣))
شرح الكلمات :
(لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً) : أي على ما جاء به من الدين والهدى.
(الرَّجْفَةُ) : الحركة العنيفة كالزلزلة.
(جاثِمِينَ) : باركين على ركبهم ميتين.
(كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا) : أي كأن لم يعمروها ويقيموا فيها زمنا طويلا.
(الْخاسِرِينَ) : إذ هلكوا في الدنيا وادخلوا النار في الآخرة.
(آسى) (١) : أي أحزن أو آسف شديد الأسف.
معنى الآيات :
ما زال السياق في قصص شعيب مع أهل مدين فإنه بعد أن هدد الظالمون شعيبا بالإبعاد من مدينتهم هو والمؤمنون معه أو أن يعودوا إلى ملتهم فرد شعيب على التهديد بما أيأسهم من العودة إلى دينهم ، وفزع إلى الله يعلن توكله عليه ويطلب حكمه العادل بينه وبين قومه المشركين الظالمين كأن الناس اضطربوا وأن بعضا قال اتركوا الرجل وما هو عليه ، ولا تتعرضوا لما لا تطيقونه من البلاء. هنا قال الملأ الذين استكبروا من قومه مقسمين بآلهة الباطل : (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً) أي على دينه وما جاء به وما يدعو إليه من التوحيد والعدل ورفع الظلم (إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) قال تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) استجابة لدعوة شعيب فأصبحوا (٢) هلكى جاثمين على الركب. قال تعالى : (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا) (٣)
__________________
(١) أسي كرضي يأسى كيرضي يقال : أسيت على كذا أسى فأنا آس وآسى في الآية مضارع أسى دخلت عليه همزة المتكلم فصارت آسى بهمزتين.
(٢) في سورة هود : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) وفي سورة الشعراء : (فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) وطريقة الجمع. أنهم لمّا اجتمعوا تحت الظلة وهي سحابة أظلتهم ، فزعوا إليها من شدّة الحرّ الذي أصابهم يومئذ فلمّا استقروا تحتها زلزلوا من تحتهم وهي الرجفة ونزلت عليهم من الظلة صاعقة وهي الصيحة فأحرقتهم هذا إن قلنا إنّ مدين وأصحاب الأيكة هما أمة واحدة ، وإلّا فأصحاب الأيكة أخذوا بعذاب الظلة وأصحاب مدين أخذوا بالرجفة من تحتهم ، والصيحة من فوقهم.
(٣) وفسّر القرطبي الغنى : بالمقام يقال : غنى القوم في دارهم أي : طال مقامهم ، والمغني : المنزل والجمع المغاني ، قال لبيد :
وغنيت ستا قبل مجرى داحس |
|
لو كان للنفس اللجوج خلود |
ومعنى غنيت : أقمت وهو الشاهد.