واستقر (وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي السحر والتمويه وقوله تعالى (فَغُلِبُوا) أي فرعون وملأه وقومه (هُنالِكَ) أي في ساحة المباراة والمناظرة (وَانْقَلَبُوا) إلى ديارهم (صاغِرِينَ) أي ذليلين مهزومين. وقوله تعالى (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) أي إنهم بعد أن شاهدوا الآية الكبرى بهرتهم فخروا ساجدين كأنما ألقاهم (١) أحد على وجه الأرض لا حراك لهم وهم يقولون (٢) (آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) وضمن ذلك فقد كفروا بربوبية فرعون الباطلة ، لأن الإيمان بالله سيلزم الكفر بما عداه ، ولذا قالوا (آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) تلويحا بكفرهم بفرعون الطاغية وبكل إله غير الله.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ بيان سنته تعالى في أن الحق والباطل إذا التقيا في أي ميدان فالغلبة للحق دائما.
٢ ـ بطلان السحر وعدم فلاح أهله ولقوله تعالى من سورة طه (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى).
٣ ـ فضل العلم وأنه سبب الهداية فإيمان السحرة كان ثمرة العلم ، إذ عرفوا أن ما جاء به موسى ليس سحرا وإنما هو آية له من الله فآمنوا.
٤ ـ مظهر من مظاهر القضاء والقدر فالسحرة أصبحوا كافرين وأمسوا مسلمين.
(قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (١٢٣) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (١٢٤) قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (١٢٥) وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (١٢٦))
__________________
(١) أي : ألقوا أنفسهم على الأرض ، وبني الفعل للمجهول لظهور الفاعل وهو أنفسهم.
(٢) (قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ) حال هو يهم للسجود إعلاما منهم أنهم ما سجدوا لفرعون كما يفعل الأقباط ، وإنّما سجدوا لله رب العالمين (رَبِّ مُوسى وَهارُونَ).