أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (١) (١٠٨))
شرح الكلمات :
(شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) : الشهادة : قول صادر عن علم حاصل بالبصر أو البصيرة ، وبينكم : أي شهادة بعضكم على بعض.
(إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) : أي بأن كنتم مسافرين.
(مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) : صلاة العصر.
(إِنِ ارْتَبْتُمْ) : شككتم في سلامة قولهما وعدالته.
(فَإِنْ عُثِرَ) : أي وقف على خيانة منهما فيما عهد به إليهما حفظه.
(أَدْنى) : أقرب.
(عَلى وَجْهِها) (٢) : أي صحيحة كما هي لا نقص فيها ولا زيادة.
(الْفاسِقِينَ) : الذين لم يلتزموا بطاعة الله ورسوله في الأمر والنهي.
معنى الآيات :
ما زال السياق في إرشاد المؤمنين وتعليمهم وهدايتهم إلى ما يكملهم ويسعدهم ففي هذه الآيات الثلاث (١٠٦) ، (١٠٧) ، (١٠٨) ينادى الله تعالى عباده المؤمنين فيقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) أي ليشهد اثنان (ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) أي من المسلمين على وصية أحدكم إذا حضرته الوفاة ، أو ليشهد اثنان من غيركم أي من غير المسلمين (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) أي كنتم مسافرين ولم يوجد مع من حضره الموت في السفر إلا كافر ، فإن ارتبتم في صدق خبرهما وصحة
__________________
(١) هذه الآية نزلت فيما ذهب إليه أكثر المفسرين : في تميم الداري وعدي بن بداء إذ روى البخاري وغيره أن تميم الداري وابن بداء كانا يختلفان إلى مكة فخرج معهما : فتى من بني سهم فتوفي بأرض ليس فيها مسلم فأوحى إليهما فدفعا تركته إلى أهله وحبسا جاما (إناء) من فضة مخوصا بالذهب فاستحلفهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم «ما كتمتما ولا أطلعتما» ثم وجد الجام بمكة فقالوا اشتريناه من عدي وتميم فجاء رجلان من ورثة السهمي فحلفا أنّ هذا الحام للسهمي ولشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا قال : فأخذوا الجام وفيهم نزلت هذه الآية «لفظ الدارقطني» والظاهر أن استحلاف الرسول صلىاللهعليهوسلم لهما : كان بعد نزول الآية مبيّنة طريق الحكم في هذه القضية فاتبعها الرسول صلىاللهعليهوسلم وحكم بينهم بما في الآية نصّا وروحا والله أعلم.
(٢) أي غير مشوّه بالتغيير والتبديل والنقص والزيادة ، والتعبير بالوجه شائع يقال : جاء بالشيء الفلاني على وجهه أي : من كمال أحواله.