(وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) : أي أمهلهم فلا أعجل بعقوبتهم حتى ينتهوا إليها بأعمالهم الباطلة وهذا هو الكيد لهم وهو كيد متين شديد.
(ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ) : صاحبهم هو محمد صلىاللهعليهوسلم ، والجنة الجنون والمتحدث عنهم كفار قريش.
(مَلَكُوتِ السَّماواتِ) : أي ملك السموات إلا أن لفظ الملكوت أعظم من لفظة الملك.
(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ) : أي بعد القرآن العظيم.
ونذرهم في طغيانهم : أي نتركهم في كفرهم وظلمهم.
(يَعْمَهُونَ) : حيارى يترددون لا يعرفون مخرجا ولا سبيلا للنجاة.
معنى الآيات
يخبر تعالى أن الذين كذبوا بآياته التي أرسل بها رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم فلم يؤمنوا بها وأصروا على الشرك والضلال معرضين عن التوحيد والهدى يخبر تعالى أنه سيستدرجهم بالأخذ شيئا فشيئا ودرجة بعد درجة حتى يحق عليهم العذاب فينزله بهم فيهلكون ويخبر أنه يملى لهم أيضا كيدا بهم ومكرا ، أى يزيدهم في الوقت ويطول لهم زمن كفرهم وضلالهم فلا يعاجلهم بالعقوبة بل إنه يزيد في إرزاقهم وأموالهم حتى يفقدوا الاستعداد للتوبة ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر ، ولذا قال (وَأُمْلِي (١) لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (٢) أي قوي شديد. هذا ما دلت عليه الآية الأولى (١٨٣) أما الثانية فإنه تعالى يوبخهم على إعراضهم عن التفكير والتعقل فيقول (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا) في سلوك الرسول (٣) صلىاللهعليهوسلم وتصرفاته الرشيدة الحكيمة فيعلموا أنه ما به من جنة وجنون كما يزعمون ، وإنما هو نذير لهم من عذاب يوم أليم إن هم استمروا على سلوك درب الباطل والشر من الشرك والمعاصي ، ونذارته بينه لا لبس فيها ولا غموض لو كانوا يتفكرون. وفي الآية الثالثة (١٨٥) يوبخهم
__________________
(١) قيل نزلت هذه الآية : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ) إلى قوله : (مَتِينٌ) نزلت في المستهزئين من قريش وقد أخذوا بعد الإملاء لهم زمنا زاد على العشر سنين ، أخذهم في بدر وألقوا في القليب ووبخهم صلىاللهعليهوسلم بما هم أهله من الخزي والهوان.
(٢) المتين : مأخوذ من المتن وهو اللحم الغليظ الذي عن جانب الصلب أي : الظهر.
(٣) هو المراد بالصاحب في قوله : (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) وهي الجنون ، دعا الله تعالى قريشا للتفكر.