على عدم نظرهم (١) في ملكوت السماوات والأرض وفي ما خلق الله من شيء وفي أن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم ، إذ لو نظروا في ملكوت السموات والأرض وما في ذلك من مظاهر القدرة والعلم والحكمة لعلموا أن المستحق للعبادة هو خالق هذا الملكوت ، لا الأصنام والتماثيل ، كما أنهم لو نظروا فيما خلق الله من شيء من النملة إلى النخلة ومن الحبة الى القبة لأدركوا أن الله هو الحق وأن ما يدعون هو الباطل كما أنه حرى بهم أن ينظروا في ما مضى من أعمارهم فيدركوا أنه من الجائز أن يكون قد اقترب أجلهم ، وقد اقترب فعلا فليعجلوا بالتوبة حتى لا يؤخذوا وهم كفار أشرار فيهلكون ويخسرون خسرانا كاملا. ثم قال تعالى في ختام الآية (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ) (٢) بعد القرآن يؤمنون فالذي لا يؤمن بالقرآن وكله حجج وشواهد وبراهين وأدلة واضحة على وجوب توحيد الله والايمان بكتابه ورسوله ولقائه ووعده ووعيده فبأي كلام يؤمن ، اللهم لا شيء ، فالقوم إذا أضلهم الله ، ومن أضله الله فلا هادي له ويزرهم في طغيانهم يعمهون حيارى يترددون لا يدرون ما يقولون ، ولا أين يتجهون حتى يهلكوا كما هلك من قبلهم. وما ربك بظلام للعبيد.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ عظم خطر التكذيب بالقرآن الكريم حتى أن المكذب ليستدرج حتى يهلك وهو لا يعلم.
٢ ـ أكبر موعظة وهي أن على الإنسان أن يذكر دائما أن أجله قد يكون قريبا وهو لا يدري فيأخذ بالحذر والحيطة حتى لا يؤخذ على غير توبة فيخسر.
٣ ـ من لا يتعظ بالقرآن وبما فيه من الزواجر ، والعظات والعبر ، لا يتعظ بغيره.
٤ ـ من أعرض عن كتاب الله مكذبا بما فيه من الهدى فضل ، لا ترجى له هداية أبدا.
__________________
(١) استدل العلماء بهذه الآية : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ونظائر هذه الآية وهي كثيرة على وجوب النظر في الآيات والاعتبار بالمخلوقات وهو كذلك ، واختلف العلماء في : هل الإيمان يثبت بالتقليد أو لا بد من النظر حتى يؤمن ، والصحيح : أنّ الإيمان يصح بالتقليد المفيد لليقين كإيمان عوام المسلمين ، وأفضل منه ما كان عن نظر واستدلال وهو إيمان العالمين.
(٢) قوله : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ) الخ : الاستفهام لتوقيفهم على ما يجب أن يفكروا فيه وينظروا إليه وتوبيخهم على ترك ذلك.