(طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) : أي ألم بهم شيء من وسوسته.
(وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ) : أي إخوان الشياطين من أهل الشرك والمعاصي يمدونهم في الغي.
(ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) : أي لا يكفون عن الغي الذي هو الضلال والشر والفساد.
معنى الآيات :
لما علّم تعالى رسوله كيف يحاج المشركين لإبطال باطلهم في عبادة غير الله تعالى والإشراك به عزوجل علمه في هذه الآية أسمى الآداب وأرفعها ، وأفضل الأخلاق وأكملها فقال له : (خُذِ الْعَفْوَ (١) وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) (٢) (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) أي خذ من أخلاق الناس ما سهل عليهم قوله وتيسر لهم فعله ، ولا تطالبهم بما لا يملكون أو بما لا يعلمون وأمرهم بالمعروف ، وأعرض (٣) عن الجاهلين منهم فلا تعنفهم ولا تغلظ القول لهم فقد سأل صلىاللهعليهوسلم عن معنى هذه الآية جبريل عليهالسلام فقال له : (تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتعطي من حرمك (٤)) وقوله (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) (٥) أي أثار غضبك حتى لا تلتزم بهذا الأدب الذي أمرت به (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) بدفعه عنك إنه سميع لأقوالك عليم بأحوالك. ثم قال تعالى مقررا حكم الاستعاذة مبينا جدواها ونفعها لمن يأخذ بها. (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا) أي ربهم فلم يشركوا به أحدا ولم يفرطوا في الواجبات ولم يغشوا المحرمات هؤلاء (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ (٦) مِنَ الشَّيْطانِ) بأن نزغهم بإثارة الغضب أو الشهوة فيهم تذكروا
__________________
(١) قال ابن الزبير هذه الآية : (خُذِ الْعَفْوَ ..) الخ ما أنزلها الله تعالى إلّا في أخلاق الناس ، وقال جعفر الصادق أمر الله رسوله بمكارم الأخلاق في هذه الآية ، وليس في القرآن أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية.
(٢) العرف : المعروف وقرىء العرف : العرف بضم العين والراء مثل : الحلم والعرف : كل خصلة حسنة ترتضيها العقول وتطمئن إليها النفوس : قال الشاعر :
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه |
|
لا يذهب العرف بين الله والناس |
(٣) الإعراض عن الجاهلين يكون بعد دعوتهم إلى الحق وإقامة الحجة عليهم فإن لم يستجيبوا يعرض عنهم آذوه أو لم يؤذوه.
(٤) من أحاديث مكارم الأخلاق قوله صلىاللهعليهوسلم إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق.
(٥) النزغ ، والنغز والهمز والوسوسة بمعنى واحد ، والنزغ : الإفساد والإغواء والإغراء وعلاج الوسوسة ، الاستعاذة بالله تعالى.
(٦) الطيف ، والطائف ، بمعنى ، وقيل : الطيف : الخيال ، والطائف : الشيطان. وهو صحيح أيضا.