في الحرب ولأن فرسه يحتاج إلى نفقة علف. والمراد من قسمة الله أنها تنفق في المصالح العامة ولو أنفقت على بيوته لكان أولى وهي الكعبة وسائر المساجد ، وما للرسول فإنه ينفقه على عائلته ، وما لذي القربى فإنه ينفق على قرابة الرسول الذين يحرم عليهم أخذ الزكاة لشرفهم وهم بنو هاشم وبنو المطلب ، وما لليتامى ينفق على فقراء المسلمين ، وما لابن السبيل ينفق على المسافرين المنقطعين عن بلادهم إذا كانوا محتاجين إلى ذلك في سفرهم وقوله تعالى (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ) أي ربا (وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا) أي محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم (يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) وهو يوم بدر حيث التقى المسلمون بالمشركين ، والمراد بما أنزل تعالى على عبده ورسوله الملائكة والآيات منها الرمية التي رمى بها المشركين فوصلت إلى أكثرهم فسببت هزيمتهم. وقوله (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي كما قدر على نصركم على قلتكم وقدر على هزيمة عدوكم على كثرتهم هو قادر على كل شيء يريده وقوله تعالى (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ (١) أَسْفَلَ مِنْكُمْ) تذكير لهم بساحة المعركة التي تجلت فيها آيات الله وظهر فيها إنعامه عليهم ليتهيئوا للشكر. وقوله تعالى (وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ) أي لو تواعدتم أنتم والمشركون على اللقاء في بدر للقتال لاختلفتم لأسباب تقتضي ذلك منها أنكم قلة وهم كثرة (وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) أي محكوما به في قضاء الله وقدره ، وهو نصركم وهزيمة عدوكم وجمعكم من غير تواعد ولا اتفاق سابق. وقوله تعالى (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) هذا تعليل لفعل الله تعالى يجمعكم في وادي بدر للقتال وهو فعل ذلك ليحيا بالإيمان من حيى على بينة وعلم أن الله حق والإسلام حق والرسول حق والدار الآخرة حق حيث أراهم الله الآيات الدالة على ذلك ، ويهلك من هلك بالكفر على بينة إذ اتضح له أن ما عليه المشركون كفر وباطل وضلال ثم رضي به واستمر عليه. وقوله تعالى (وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) تقرير لما سبق وتأكيد له حيث أخبر تعالى أنه سميع لأقوال عباده عليم بأفعالهم فما أخبر به وقرره هو كما أخبر وقرر.
وقوله تعالى (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً) أي فأخبرت أصحابك ففرحوا بذلك
__________________
(١) ركب أبي سفيان ، ولفظ الركب لا يطلق إلّا على الراكبين ، والركب مبتدأ ، والخبر متعلّق أسفل الظرف أي : كائن أسفل منكم.